بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
----------------------------
هل ممكن للفتاة الصلاة بالبنطلون ؟ وما هو الزي الشرعي للصلاة ؟
الحمد لله
الزي الشرعي للمرأة في الصلاة هو كلُ
لباسٍ ساترٍِ لجميع بدنها عدا الوجه والكفين ، ويكون واسعاً فضفاضاً ،
بحيث لا يحدد شيئاً من أعضائها .
ويدل على اشتراط كون لباس المرأة ساتراً لجميع بدنها في
الصلاة : حديث أم سلمة رضي الله عنها لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من
الثياب ، فقالت : ( تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ
الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا ) رواه أبو داود (639) . وقد روي
مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ
المرام" (ص40) : وصحح الأئمة وقفه . وقال ابن تيمية : المشهور أنه موقوف
على أم سلمة إلا أنه في حكم المرفوع "شرح كتاب الصلاة من العمدة" (ص 365) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ
حَائِضٍ إِلا بِخِمَارٍ ) رواه أبو داود (641) والترمذي (377) وابن ماجة
(655) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7747) .
وقوله (حائض) المراد بالحائض : البالغة أي بلغت الحيض .
والخمار : ما تغطي به المرأة رأسها .
والدرع : قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجلها ويقال له : سابغ إذا طال من فوق إلى أسفل .
وانظر : "عون المعبود شرح سنن أبي داود" .
فلا بد في اللباس أن يكون ساتراً لجميع البدن عدا الوجه ،واختلف العلماء في وجوب ستر المرأة للكفين والقدمين في الصلاة :
أما الكفان : فذهب الجمهور إلى عدم وجوب سترهما ، وعن
الإمام أحمد فيهما روايتان ، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوجوب ،
وقال في الإنصاف : وهو الصواب .
وأما القدمان : فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة
على وجوب سترهما ، وهو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (6/178) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" أما المرأة فكلها عورة في الصلاة إلا وجهها واختلف
العلماء في الكفين : فأوجب بعضهم سترهما ، ورخص بعضهم في ظهورهما ، والأمر
فيهما واسع إن شاء الله ، وسترهما أفضل خروجاً من خلاف العلماء في ذلك ،
أما القدمان : فالواجب سترهما في الصلاة عند جمهور أهل العلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/410) .
وذهب الإمام أبو حنيفة والثوري والمزني إلى جواز
كشف المرأة قدميها في الصلاة ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، والمرداوي
في الإنصاف .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (2/161) :
" وليس هناك دليل واضح على هذه المسألة ، ولهذا ذهب شيخ
الإسلام ابن تيمية إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه
والكفان والقدمان . وقال : إن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
كُنَّ في البيوت يَلْبَسْن القُمُص ، وليس لكل امرأة ثوبان ، ولهذا إذا
أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه ، فتكون القدمان والكفان غير عورة في
الصلاة ، لا في النظر ، وبناء على أنه ليس هناك دليل تطمئن إليه النفس في
هذه المسألة فأنا أقلد شيخ الإسلام فيها ، وأقول : إن هذا هو الظاهر ، إن
لم نجزم به ، لأن المرأة حتى وإن كان لها ثوب يضرب على الأرض فإنها إذا
سجدت سوف يظهر باطن قدميها " انتهى .
وانظر : "المغني" (1/349) ، "المجموع" (3/171) ، "بدائع
الصنائع" (5/121) ، "الإنصاف" (1/452) ، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية
(22/114) .
وإذا كان الثوب خفيفاً بحيث يشف عما تحته ، ويظهر من ورائه لون الجلد فإنه لا يعتبر ساترا .
"روضة الطالبين" للنووي (1/284) ، "المغني" (2/286) .
ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ
أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ
بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ . . . الحديث) . رواه
مسلم (2128) .
وقوله : ( كاسيات عاريات) قال النووي في "المجموع" (4/3998) : " قيل : تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها ، وهو المختار " انتهى .
وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/204) : " وأما معنى
قوله : ( كاسيات عاريات ) فإنه أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف
الذي يصف ولا يستر ، فهن كاسيات بالاسم ، عاريات في الحقيقة " انتهى .
ويدل على كونه واسعاً فضفاضاً : حديث أسامة بن زيد رضي
الله عنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كساني قُبطية مما أهداه له
دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
مالك لا تلبس القبطية ؟) قلت : كسوتها امرأتي . فقال : ( مرها فلتجعل
تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها ) . رواه البيهقي في "السنن
الكبرى" (2/234) وحسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص 131) .
والقبطية ثياب كتان بيض رقاق تعمل بمصر . "لسان العرب" (7/373) .
والغلالة ثياب تلبس تحت الثياب .
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس ثياباً ضيقة تحدد عورتها ، كالبنطلون .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" حتى وإن كان واسعاً فضفاضاً ، لأن تميز رِجْل عن رِجْل
يكون به شيء من عدم الستر ، ثم إنه يخشى أن يكون ذلك من تشبه النساء
بالرجال ، لأن البنطال من ألبسة الرجال " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (12/286) .
أما عن صحة الصلاة ، إن خالفت وصلت بهذه الثياب الضيقة ، فإنها صحيحة ، لأن الواجب عليها ستر العورة وقد حصل .
وقال الشيخ صالح الفوزان :
" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة
وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها ، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها
للرجال ولا للنساء ، ولكن النساء أشدّ ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ .
أما الصلاة في حد ذاتها ؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة
بهذا اللباس ؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة ؛ لوجود ستر العورة ، لكن يأثم من
صلى بلباس ضيق ؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس ، هذا من
ناحية ، ومن ناحية ثانية : يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه ،
ولاسيما المرأة ، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ ؛ يسترها ، ولا يصف
شيئًا من أعضاء جسمها ، ولا يلفت الأنظار إليها ، ولا يكون ثوبًا خفيفًا
أو شفافًا ، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/454) .